الغارة على مدرسة كفر بطيخ: مجزرة في وضح النهار

جوان إبراهيم
في صباح يوم الأربعاء 21 مارس/آذار 2018، استهدفت غارة جوية مدرسة ابتدائية في بلدة كفر بطيخ بريف إدلب الشمالي، مما أدى إلى مقتل 16 مدنياً على الأقل، بينهم أطفال ومعلمون، في واحدة من أكثر الضربات دموية على مرافق تعليمية خلال النزاع السوري.
تداول ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصوّرة تُظهر آثار الدمار داخل المدرسة، من بينها انهيار جزء كبير من البناء ودماء متناثرة على أرضية ساحة اللعب، بينما يسمع في الخلفية صوت الصراخ والهلع. إحدى الصور أظهرت حقيبة مدرسية صغيرة معلقة على حطام نافذة محطّمة، كأنها ترفض السقوط.
شهادات الأهالي أكدت أن الضربة وقعت في وقت الدوام الصباحي، حين كان الأطفال داخل الصفوف. وقال أحد السكان المحليين إن الطائرة كانت تحلق على ارتفاع منخفض قبل الضربة، ثم سُمع صوت انفجار ضخم هزّ البلدة بأكملها. لاحقاً، ظهرت بقايا ذخيرة يُعتقد أنها من نوع غير موجه، مستخدمة في الهجوم.
من خلال متابعة الصور المتداولة والمقاطع المصورة، أمكن التعرف على مسجد البلدة القريب من المدرسة، ما ساعد على تأكيد أن الموقع هو بالفعل مدرسة كفر بطيخ الابتدائية. كما أن طول الظلال في المقاطع أشار إلى أن التوقيت كان في فترة الصباح الباكر، بين الساعة التاسعة والعاشرة تقريباً، وهو ما يتوافق مع بيانات الدفاع المدني السوري الصادرة في ذات اليوم.
تزامن القصف مع وجود طيران حربي في سماء المنطقة، بحسب ما أفاد به سكان ونشطاء ميدانيون. كما أن مصادر حقوقية تحدثت عن أن نوع الذخيرة المستخدم، بالإضافة إلى صوت الطائرة وطريقة تنفيذ الضربة، تشير إلى أنها نُفّذت بواسطة طائرة حربية روسية من طراز سوخوي.
وقد أثارت المجزرة غضباً واسعاً، حيث أصدرت منظمة Theirworld بياناً يدين استهداف المدارس والمدنيين، واعتبرته انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي. كما وثّقت عدة منظمات حقوقية سورية الحادثة، واعتبرتها جزءاً من سياسة ممنهجة لاستهداف البنية التعليمية في مناطق المعارضة.
ما حدث في كفر بطيخ لم يكن مجرد رقم يُضاف إلى سجل الضحايا، بل مثال صارخ على كيف يمكن لغارة واحدة أن تقتل الحلم في عيون أطفال كانوا في طريقهم لتعلم الحروف. تلك الحقائب التي طُمرت تحت الأنقاض ما زالت تصرخ، وتطلب من العالم أن لا ينسى.
إن استمرار الصمت أمام استهداف المدارس يعمّق الجراح، ويؤسس لجيل فقد ثقته في العدالة وفي قيمة الحياة. فبين الجبهات، ما زال الأطفال يدفعون الثمن الأكبر.